تتخطى جزيرة المرجان في إمارة رأس الخيمة مجرد فكرة مشروع سياحي فاخرة، بل تمثل أيقونة فريدة تجسد رؤية استشرافية لقطاع السياحة وتعكس إرادة وعزيمة صلبة وإمكانات هائلة استطاعت تحويل مياه الخليج إلى واحدة من أكثر الجزر الصناعية إبداعاً حول العالم، لتتحول إلى معلم حضاري وصرحاً سيقف شامخاً يروى للأجيال القادمة قصة تحول محوري في مسيرة الإمارة التي استطاعت خلال زمن قياسي من القيام بقفزة عملاقة وتحقيق العديد من الإنجازات على أرض الواقع.
إن تطوير جزيرة المرجان هو نتاج رؤية استشرافية لصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، حيث بدأت رحلة التطوير بتدشين سموه لمشروع جزيرة المرجان عام 2004 وتحويل رؤية سموه إلى واقع قادر على الارتقاء بإمكانات رأس الخيمة السياحية والثقافية وتعزيز مكانتها على خارطة السياحة العالمية من خلال هذا المشروع المهم والذي يعمل على تعزيز تنافسية الإمارة على كافة الصعد.
تمثل جزيرة المرجان اليوم واحدة من أهم المعالم السياحية في رأس الخيمة ودولة الإمارات والمنطقة بأسرها، وأصبحت مركزاً لاستقطاب السياح والزوار من كافة دول العالم، وصرحاً يحتضن مجموعة من أرقى الفنادق والمنتجعات الفاخرة، بجانب المجمعات السكنية والمراكز التجارية التي تعكس الطفرة العمرانية في الإمارة.
وتتكون جزيرة المرجان من 4 جزر صناعية صممتها أنامل فنية لتقف على صفحة مياه الخليج العربي على هيئة شعاب مرجانية تعكس ملامح الحياة البحرية التي شكلت موروث الأمة لقرون طويلة. وبفضل موقعها الحيوي وخدماتها التي توفرها، ساهمت جزيرة المرجان في تعزيز مكانة رأس الخيمة كوجهة سياحية مفضلة لكثير من الزوار من دول العالم.
تعد جزيرة المرجان إضافة جوهرية لمعالم إمارة رأس الخيمة السياحية التي تتميز بتنوع كبير في تضاريسها الجغرافية ما بين جبال شاهقة وكثبان رملية ساحرة وشواطئ خلابة يصل طولها إلى 64 كيلومتر. حيث يمتد ساحل جزيرة المرجان إلى 23 كيلومتر وعمقها إلى 4.5 كيلومتر داخل مياه الخليج العربي.
وحول التخطيط لإقامة جزيرة المرجان ورحلة تطويرها، قال المهندس عبد الله العبدولي، الرئيس التنفيذي لشركة (مرجان) المطور الرئيسي في إمارة رأس الخيمة، “إن جزيرة المرجان هي ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم رأس الخيمة، الذي قدم دعماً غير محدود من أجل الانتهاء من واحداً من أهم مشاريع رأس الخيمة في مسيرتها والذي عزز مكانة الإمارة كوجهة سياحية عالمية”.
وأضاف العبدولي: “بدأت مسيرة العمل من خلال ترجمة هذه الرؤية الحكيمة وتنفيذ المشروع في عام 2004، وذلك بمباركة من المغفور له بإذن الله الشيخ صقر القاسمي. واليوم، أصبحت جزيرة المرجان مشروعاً متكاملاً يحتضن العديد من المناطق السكنية والمنشآت السياحية التي تم تطويرها وفق أعلى المعايير والمواصفات العالمية”.
وتابع العبدولي: “لقد كان إنشاء الجزيرة وبناء منشآتها السياحية نتاج جهد كبير وتعاون مشترك بين العديد من المؤسسات، حيث شهدت رحلة الإنجاز العديد من التحديات عبر مراحل بدأت بنقل الصخور والمواد الضرورية إلى مياه الخليج بالتعاون مع شركتي “ستيفن روك” و”راك روك” عبر ميناء صقر، حيث تم نقلها إلى موقع البناء الذي يقع جنوب الإمارة”.
رحلة تخطيط وبناء
أوضح المهندس عبدالله العبدولي إن رحلة تخطيط وبناء جزيرة المرجان تمت من خلال خطوات عملية قائمة على دراسات علمية وافية، حيث بدأت مسيرة البناء من خلال نقل نحو 3.5 مليون متر مكعب من الصخور لبناء الجزيرة الأيقونية والتي تمتد الآن على مساحة تصل إلى 2.7 مليون متر مربع.
وقال العبدولي: “لم يكن اختيار موقع إنشاء هذه الجزيرة أقل أهمية عن عملية بنائها، حيث تم اختياره بناءً على معايير تتناسب مع جغرافية رأس الخيمة وقدرة المشروع على تحقيق الأهداف المنشودة منه، وتعظيم استفادته من البنية التحتية التي تتمتع بها الإمارة واستخدام ما توفره المنشئات الصناعية والخدمية فيها لإتمام المشاريع الإضافية التي ستقام على الجزيرة”.
كانت الخطوة الأولى في بناء هذه الجزيرة هي القيام بعملية استصلاح للأراضي عام 2004، والتي قامت بموجبها حفارات ضخمة بنقل الرمال وضخها في الموقع، ومن ثم قامت المكابس بضغط الرمال لتكوين أساسات صلبة يقوم عليها المشروع الذي تواصلت فيه عمليات البناء على مراحل عدة إلى أن تم افتتاحه رسمياً في عام 2013.
وقال العبدولي:” منذ تبلور فكرة إنشاء الجزيرة، اعتمدنا على ما تملكه رأس الخيمة من موارد وإمكانات لإنشائها، وذلك في خطوة كان الهدف الرئيسي منها هو إبراز المقومات التي تتمتع بها الإمارة باعتبارها مصدراً مهماً يوفر متطلبات كافة المشروعات التطويرية على مستوى دولة الإمارات والمنطقة عموماً، إلى جانب تعزيز قدرتها على تطوير مشروعات استثمارية ضخمة تعزز مكانتها التنافسية كوجهة جاذبة لرؤوس الأموال من مختلف أنحاء العالم”.
4 جزر
يضم مشروع جزيرة المرجان 4 جزر، وهي “جزيرة النسيم” و”جزيرة الكنز”، و”جزيرة المطلة” إلى جانب “جزيرة الأحلام”، حيث تقف اليوم شاهدة على رؤية تحولت بإصرار وعزيمة إلى معلم حضاري وصرح معماري متميز، يعد من بين المشاريع الرائدة على مستوى الدولة والعالم.
واستمراراً لنهج التميز والتخطيط السليم، تحول حلم جزيرة المرجان إلى واقع مثمر، حيث باتت تحتضن اليوم أكثر من 1600 غرفة فندقية من فئة الخمس نجوم ضمن منشأتين، وهما “فندق دبل تري هيلتون جزيرة المرجان”، وفندق “ريكسوس باب البحر”، فيما لا تزال أعمال البناء والتشييد تمضي قدماً لبناء أكثر من 1680 غرفة فندقية أخرى من قبل مطورين عالميين.
وإلى جانب هذا، تشتمل الجزيرة على منتجع وسبا جزيرة المرجان بإدارة فنادق أكور وأكثر من 2000 وحدة سكنية في باب البحر، بالإضافة إلى مبانِ سكنية تديرها “شركة الحمراء للتطوير العقاري”، المطور العقاري لمشروع قرية الحمراء، بجانب مشروع “الباسيفيك” الذي تطوره شركة “سيليكت جروب”، ومبان أخرى قيد الإنشاء لمطورين عالميين. ولا تزال كذلك 2400 وحدة فندقية وسكنية متعددة الاستخدامات في مرحلة المراجعة والتصميم، ومن المتوقع اكتمالها عام 2025.
وفي هذا الصدد، قال المهندس عبدالله العبدولي: “نخوض حالياً مناقشات مع العديد من المشغلين الدوليين لتطوير مجموعة من الفنادق في جزيرة المرجان والتي ستلبي تطلعات مختلف فئات الزوار من جميع أنحاء العالم، سواء كانوا من الزوار أو سياح المغامرات، أو رجال الأعمال أو الزوار من محبي قضاء العطلات الفاخرة”.
وأشار العبدولي، إلى أن هناك مجموعة من الفنادق التي لا تزال قيد الإنشاء، بما فيها فندق هامبتون باي هيلتون الذي يعد أكبر فنادق هذه العلامة في العالم، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من تشييده في عام 2021. بالإضافة إلى “منتجع كونراد جزيرة المرجان”، الذي سيوفر 120 غرفة للنزلاء بما في ذلك الفيلات الشاطئية والفيلات المائية، بجانب منتجع موفنبيك جزيرة المرجان، الذي تبلغ قيمة تطويره الإجمالية 543 مليون درهم إماراتي ومن المقرر افتتاحه في عام 2021.
بنية تحتية
كانت ولا تزال جزيرة المرجان جاذبة للمطورين العقاريين الذين يعمل قطاع كبير منهم في تطوير الجزيرة حالياً، كما يوجد العديد من المطورين الذين يتطلعون إلى المشاركة في أعمال التطوير التي تسير بمعدلات جيدة، إلى أن وصلت نسبة الأراضي الأصلية التي لا تزال متاحة للتطوير إلى 25% فقط من إجمالي الجزيرة.
وأكد المهندس عبدالله العبدولي إن البنية التحتية لجزيرة المرجان تم تطويرها وفق أفضل المعايير التي تكفل إقامة مشاريع ذات طراز عالمي على أرضها. وقال العبدولي: “لقد تم الانتهاء من البنية التحتية للطرق في جزيرة المرجان بالكامل، فعلى سبيل المثال، يوجد في جزيرة “النسيم” متنزه يضم مسارات للمشي وركوب الدراجات يمتد لنحو 4000 متر، بالإضافة إلى منطقة لعب كبيرة للأطفال ، وعربات طعام ومقاهي. كما تم الانتهاء من تشييد متنزه آخر في الجزيرة يوفر المزيد من المساحات المفتوحة ومناطق لعب الأطفال، وتم تزويده بمواقف سيارات واسعة تستوعب 400 سيارة”.
حياة عصرية
وأشار العبدولي إلى أن جزيرة المرجان تمثل وجهة للحياة العصرية لما توفره من عوامل جذب ووسائل راحة للمقيمين والسائحين، وهو ما يشكل هدفاً رئيسياً لاستمرار نهج التميز في كافة منشآت الجزيرة. حيث سيكون هناك المزيد من مراكز الترفيه والأماكن التي يمكن للزوار والمقيمين الاستمتاع بها في الجزيرة في المستقبل، حيث ستكون تلك الوجهات إضافة حقيقية لإمكاناتنا وفعالياتنا العالمية والتي يأتي على رأسها عروض الألعاب النارية التي تضيء سماء إمارة رأس الخيمة في ليلة رأس السنة من كل عام ويتابعها مئات الآلاف من داخل وخارج الإمارة”.
وتجد الإشارة إلى أن عروض الألعاب النارية التي بدأت في عام 2018 أصبحت أحد أكبر الفعاليات الاحتفالية التي تقام في ليلة رأس السنة في المنطقة، حيث حصدت ما لا يقل عن 5 أرقام قياسية عالمية، بدأت في 2018 من خلال دخول الجزيرة موسوعة غينيس للأرقام القياسية عن فئة “أكبر ألعاب نارية هوائية في العالم”، فضلاً عن تكوين أطول شلال من الألعاب النارية وتكوين أطول سلسلة للألعاب النارية وأطول خط مستقيم للألعاب النارية في العالم عام 2019.
كما حققت الجزيرة الرقم القياسي مطلع العام الجاري 2020 باستخدام أكبر عدد من الطائرات من دون طيار لإطلاق الألعاب النارية في وقت واحد. ولم يسلط عرض الألعاب النارية خلال احتفالات رأس السنة الضوء على جزيرة المرجان فحسب، بل على إمارة رأس الخيمة ككل، حيث استقطب الحدث أكثر من 100 ألف شخص، وشهد تغطية إعلامية عالمية.
بالإضافة إلى عروض الألعاب النارية التي تخطف الأنفاس، ساهم سباق نصف ماراثون رأس الخيمة، الذي أقيم في فبراير 2020 وحضره صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، في تعزيز مكانة الإمارة على خارطة الوجهات العالمية، حيث شارك فيه أكثر من 5000 عداء، وحقق رقماً قياسياً عالمياً جديداً للسيدات وهو 64:31 دقيقة.
واختتم العبدولي: “نتطلع إلى المستقبل، ومسيرة الجزيرة لا تزال في بدايتها، حيث ستتابع نموها وازدهارها كمركز عالمي للترفيه والسياحة والضيافة، وستشهد افتتاح مناطق جذب جديدة للزوار والمقيمين من جميع الأعمار. إن جزيرة المرجان هي تجسيد لحلم طالما راود إمارة رأس الخيمة، ولكن برؤية قيادتها وعزيمة أبنائها أصبحت واقعاً مشرقاً يحمل الخير لكل أبناء الإمارة. وفي إطار عملنا الدؤوب على استمرار ازدهار الجزيرة وتنميتها، نعمل على زيادة جاذبية مرافقها ووجهاتها من أجل استقبال أكبر عدد ممكن من الزوار ليتمكنوا من خوض تجربة حياتية لا تنسى، تنقلهم إلى عالم من الخيال، وتبقى خالدة في ذاكرتهم إلى الأبد”.